الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

قلعة بزيزا




قلعة بزيزا 

بزيـزا, بيت الإله العزيز, قلب ينبض تعايشاً ومحبة
تحقيق: باسكال معوض

مجلة الجيش
العدد 205 - تموز, 2002


آثارها والنهر والطواحين جسر بين الماضي والحاضر

إنها بيت الإله... الباء في التسمية إختصار لكلمة بيت, والباقي معناه, عزيز, وهو إسم الإله السامي القديم... بزيزا: بلدة نموذجية ماضياً وآثاراً, وحاضراً وتعايشاً, فيها يتجسد الإنصهار الوطني, حيث الكنيسة فعلاً تعانق الجامع, كما يتعانق المؤمنون أياً كانت وجهات إيمانهم.
هنا جولة في قلب ينبض محبة وتعايشاً وتراثاً من أول التاريخ...


ساحة القلعة والمعبد المهيب

تدخل بزيزا بين أشجار الزيتون على طرقات صغيرة متعرجة, تترك للإخضرار مكانة كبيرة بينها, لئلا يطغى سواد الزفت على الطبيعة الخضراء.
عند الوصول الى ساحة “القلعة” كما تسمّى, يطالعك المعبد الروماني المهيب بأعمدته الأربعة التي ترتفع نحو خمسة أمتار في واجهة البناء, تعلوها حجارة مستطيلة ومنقوشة بطريقة رائعة الجمال بأشكال فراشات وأغصان أشجار. وتتناثر على الأرض في محيط المعبد صخور ضخمة مصقولة, هي بقايا أعمدة كانت قائمة. ويحتضن بناء المعبد باحة داخلية واسعة لا تقل مساحتها عن 20 متراً مربعاً, كانت مسرحاً لطقوس لم تشرحها البقايا الأثرية المتوفرة.
الكلام على الهيكل الروماني يستدعي الكلام عن البناء المنفّذ بشكل بديع ومتقن, والمزين بنقوش غنية وذات قيمة فنية عالية, فكأنها جواهر وحلى لتزيين الجسر الذي يربط جانب الهيكل المنيف الى جانبه الآخر, ما يضفي على تلك الناحية من البناء مظهراً بالغ الجمال.

سيدة العواميد

الواقع أن جمالية تلك النقوش التي تزين الجسر تلفت إنتباه الناظر الى عناد بعض الأعمدة التي ما برحت منتصبة في وجه الزمان, ما يدخل الإعجاب والرهبة الى القلوب, وتزيد من خصوصية المكان حيث تتداخل الآثار القديمة العابقة بأريج المسيحية, بالآثار الأقدم والعائدة الى عصور ومعتقدات وثنية سبقت عصور النور والإيمان, ويبدو أن حضور الأعمدة المشار إليها كانت أكثر ما لمس نفوس الذين حوّلوا المعبد من وثنيته الى المسيحية, إذ أنهم جعلوا فيه كنيسة وأطلقوا على المكان تسمية جديدة: “سيدة العواميد”, كان ذلك في القرن الرابع للميلاد تقريباً. وقد بقيت “سيدة العواميد” تابعة للوقف الماروني الى أن قدّمها المطران أنطوان عيد للدولة اللبنانية.

كتابات وأضواء

ثمة كتابات قليلة تلقي بعض الضوء على ما خفي من شؤون هذا المعبد القديم, منها ما قاله الرحّالة الأب “لامنس” اليسوعي في كتابه الشهير: “تسريح الأبصار في ما يحتوي لبنان من آثار”. ومنها أيضاً ما ورد في كتاب “السيدة العذراء في لبنان” للأب غودار وقد جاء ما مؤداه: “أنه على تلة, في طرف من أطراف الكورة وزيتوناتها, ترى من بعيد هيكلاً أيونياً صغيراً وأنيقاً جداً, المسكن حيث يوضع نصب الإله في هذا المعبد, فيه أعمدة وصدفات مقعرة. ولم يبق إلا واحدة بالقرب منها كان الأهالي يركعون طويلاً ويحرقون البخور”.
كذلك ورد ذكر الموقع عند المستشرق الفرنسي “أرنست رينان”, إذ أشار الى أن تلك الآثار تخفي قصة دير بيزنطي كبير, كان مجللاً بصفوف من القناطر, كل صف منها يحتوي على 24 عموداً.
وتجدر الإشارة الى أن هذا المعبد استقطب الكثير من السياح وعلماء الآثار خلال مراحل مختلفة, ولا سيما في الآونة الراهنة, وقد أمّه الفنان لابورد الذي رسمه بطريقة فنية جميلة. المكان كما يبدو يخفي في أعماقه آثاراً قيمة, إنما لم تجر حتى الآن عمليات بحث وتنقيب.. وكان الفرنسيون عملوا في الخمسينات على ترميم المعبد بإشراف الخبير “غالايان” الذي رمم معظم المعابد الأثرية اللبنانية.

بطاقات وطوابع

عملت بلدية بزيزا على طبع بطاقات سياحية تحمل صوراً لقلعة البلدة في الليل وفي النهار. وتسعى البلدية الى إعادة إصدار أو توشيح الطابعين البريديين الرسميين اللذين كانا مصدر فخر للبلدة منذ أن أصدرتها السلطات الرسمية في السبعينات, وهما يمثلان قلعة بزيزا الأثرية.







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

ملحوظة: يمكن لأعضاء المدونة فقط إرسال تعليق.